ثـبـات أئـمة الـدعـوة في نجـد :
جاء في " علماء نجد "
لـلبسام رحمه الله :
( لـمَّا قَـتـل إبراهيم باشا الشيخَ سليمان بن عبدالله ، أراد أن يغيظ أبيه الشيخ عبدالله رحمهما الله ، فـقـال له :
قـتـلـنـا ابنك سليمان !
فأجابه الشيخ عبدالله بكل يقين ، وإخلاص ، وإيمان :
إن لـم تـقـتـلـه مات ! )
قال الشيخ البسام رحمه الله معلقًا : فنالت هذه الكلمة الصادقة ،
من هذا الشجاع ، المؤمن ، مالـم تـنـلـه السهام الحداد ، فأخذ الباشا يرددها بلسانه ، ويتأملها بعقله !
قرأتُ - ولايزال الكلام للبسام -
في بعض التواريخ المصرية
أن إبراهيم باشا لـمَّا عاد إلى القاهرة بعد حرب الدرعية ،
جاء العلماء ، وشيوخ الأزهر مهنئين ، فلم يـلـتـفـت إليهم ، ولم يهتم بهم ، وحين سُئل عن ذلك ،قال :
العلماء الحقيقيون هم في
صحاري نجـد !
لِـما رأى من إيمانهم ، وصدقهم ، وتمثُّـلهـم بحالات السلف الأول ) .
***
قصة أخرى لإبراهيم باشا
مع عالم الشام آنذاك ،
دخل جبَّـار الشام إبراهيم باشا
بن محمد علي ، حاكم مصر المسجد الأموي ، في وقت كان فيه عالم الشام الشيخ سعيد الحلبي يُـلقي درسًا في المصلين ،
ومرَّ إبراهيم باشا من جانب الشيخ، وكان مادًّا رجله فلم يُحَـرِّكها ،
ولم يُـبَـدِّل جلسته !
فاستاء إبراهيم باشا، واغتاظ غيظًا شديدًا ، وخرج من المسجد ،
وقد أضمر في نفسه شرًّا بالشيخ ،
وما أن وصل قصره حتى حفَّ به المنافقون من كل جانب ، يُـزَيِّـنون له الفتك بالشيخ الذي تحدَّى جبروته وسلطانه ، وما زالوا يُـؤلِّـبونه حتى أمر بإحضار الشيخ مُـكبَّـلًا بالسَّلاسل ،
وما كاد الجُند يتحركون لِـجَـلْـب الشيخ ، حتى عاد إبراهيم باشا فغيَّر رأيه ، فقد كان يعلم أن أي إساءة للشيخ ، ستفتح له أبوابًا
من المشاكل ، لا قِبل له بإغلاقها ،
وهداه تفكيره إلى طريقة أخرى ينتقم بها من الشيخ ، طريقة الإغراء بالمال ، فإذا قَبِله الشيخ فكأنه
يضرب عصفورين بحجر واحد ،
يضمن ولاءه ،
ويُسقط هيـبـته في نفوس المسلمين، فلا يَـبقىٰ له تأثير عليهم !
وأسرع إبراهيم باشا فأرسل إلى الشيخ ألف ليرة ذهبية ، وهو مبلغ يسيل له اللعاب في تلك الأيام ، وطلب من وزيره أن يعطي المال للشيخ على مرأى ومسمع من تلامذته ،
وانطلق الوزير بالمال إلى المسجد ، واقترب من الشيخ وهو يُلقي درسه، فألقى السلام ، وقال للشيخ بصوت عالٍ سمعه كل من حول الشيخ : هذه ألف لـيـرة ذهـبـيَّة ، يرى مولانا الباشا أن تستعين بها على أمرك ،
فَنَظَر الشيخ نظرة إشفاق
نحو الوزير ،
وقال له ، بهدوء وسكينة :
يابُنَيّ ، عُدْ بنقود سيدك وردها إليه،
وقُـلْ لـه :
إنَّ الذي يَـمُـدُّ رِجْـلـه ، لا يمدُّ يده !ا