عن عائشة .. زوج النبي صلى الله عليه وسلم .. أنها كانت .. إذا مات الميت من أهلها .. فاجتمع لذلك النساء .. ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها - أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت .. ثم صنع ثريد .. فصبت التلبينة عليها .. ثم قالت : كلن منها .. فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " التلبينة مجمة لفؤاد المريض .. تذهب بعض الحزن " ..
الراوي: عروة بن الزبير المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2216
خلاصة الدرجة: صحيح
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قيل له : إن فلانا وجع لا يطعم الطعام .. قال : عليكم بالتلبينة فاحسوه إياها ..
وكان يقول : والذي نفسي بيده إنها تغسل بطن أحدكم كما تغسل إحداكن وجهها من الوسخ ..
الراوي: عائشة المحدث: الفيروزآبادي - المصدر: سفر السعادة - الصفحة أو الرقم: 300
خلاصة الدرجة: ثابت
التلبينة هى دقيق الشعير بنخالته
التلبين : هو الحساء الرقيق الذى هو فى قوام اللبن .. ومنه أشتق أسمه متخذ من دقيق الشعير بنخالته..
قال الهروى: "سميت تلبينة لشبهها باللبن لبياضها ورقتها"
قال ابن القيم:
وهذا الغذاء هوالنافع للعليل .. وهو الرقيق النضيج .. لا الغليظ النيئ .. وإذا شئت أن تعرف فضل التلبينة فأعرف فضل ماء الشعير .. بل هو ماء الشعير لهم .. فإنها حساء متخذ من دقيق الشعير بنخالته ..
والمقصود: أن ماء الشعير مطبوخا صحاحاً ينفذ سريعا .. ويجلو جلاء ظاهراً .. ويغذى غذاء لطيفاً .. وإذا شرب حاراً كان جلاءه اقوى ونفوذه أسرع .. وإنماؤه للحرارة الغريزية أكثر .. وتلميسه لسطوح المعدة أوفق ..
وقوله فيها :" مجمّة لفؤاد المريض " يروى بوجهين :بفتح الميم والجيم وبضم الميم وكسر الجيم والأول أشهر ..
ومعناه : أنها مريحة له أى تريحه وتسكنه من الآجمام وهو الراحة..
وقوله :" تذهب ببعض الحزن " هذا والله أعلم لأن الغم والحزن يبردان المزاج ويضعفان الحرارة الغريزية لميل الروح الحامل إلى جهة القلب الذى هو منشأها .. وهذا الحساء يقوى الحرارة الغريزية بزيادة مادتها .. فتزيل أكثر ما عرض له من الغم والحزن..
وقد يقال وهو الأقرب: إنها تذهب ببعض الحزن بخاصية فيها من جنس خواص الأغذية المفرحة .. فإن من الأغذية ما يفرح بالخاصية .. والله أعلم
وقد يقال: إن قوى الحزين تضعف باستيلاء اليُبْس على أعضائه وعلى معدته خاصة لتقليل الغذاء .. وهذا الحساء يرطبها .. ويقويها .. ويغذيها .. ويفعل مثل ذلك بفؤاد المريض .. لكن المريض كثيراً ما يجتمع فى معدته خلط مرارى أو بلغمى أو صديدى .. وهذا الحساء يجلو ذلك عن المعدة ويسروه ويحدره ويميعه ويعدل كيفيته ويكسر سورته فيريحها .. ولاسيما لمن عادته الأغتذاء بخبز الشعير .. وهى عادة أهل المدينة إذ ذاك وكان هو غالب قوتهم وكانت الحنطة عزيزة عندهم والله أعلم ..
روى أبن ماجة من حديث عائشة رضي الله عنها .. قالت : كان رسول الله إذا أخذ أحداً من أهله الوعك .. أمر بالحساء من الشعير فصنع .. ثم أمرهم فحسَوْا منه ..
ثم يقول : " إنه ليرتو فؤاد الحزين .. ويَسْرُوا فؤاد السقيم كما تسروا إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها " [أخرجه ابن ماجه] ..
ومعنى يرتوه : يشده ويقويه ..
ويسرو : يكشف ويزيل ..
وقد تقدم ان هذا هو ماء الشعير المغلى .. وهو أكثر غذاء من سويقه .. وهو نافع للسعال .. وخشونة الحلق .. صالح لقمع حدة الفضول .. مُدر للبول .., جلاء لما فى المعدة .. قاطع للعطش .. مطفئ للحرارة .. وفيه قوة يجلو بها ويلطف ويحلل..
وصفته : أن يؤخذ من الشعير الجيد المرضوض مقدار .. ومن الماء الصافى العذب خمسة أمثاله .. ويلقى فى قدر نظيف .. ويطبخ بنار معتدلة إلى أن يبقى منه خمساه .. ويصفى .., ويستعمل منه مقدار الحاجة محلا [ وهذا فى الشعير الحصى]
[زاد المعاد – لابن القيم]